في عصرنا الحالي، تسعى المنظمات الناجحة لمزيد من خلق الفرص الإنتاجية وتقليل الأعباء الوظيفية داخل بيئات العمل المختلفة، وهذا بالطبع يؤثر بشكل إيجابي على سير العمل الداخلي وعلى رفع الكفاءة والابتكار. ومن هنا تأتي سياسة الباب المفتوح كخطوة مهمة نحو تحقيق تلك الأهداف فما هي سياسة الباب المفتوح، وما أهم مبادئها وكيف تحققها؟ دعنا نبدأ..

ما هي سياسة الباب المفتوح في مكان العمل؟

قدم وزير الخارجية (الأمريكي) جون هاي لأول مرة مفهوم “الباب المفتوح” في أواخر القرن 19. هدفت النظرية حينها إلى تحقيق اتفاق دولي يخدم سياسة الولايات المتحدة في تعزيز تكافؤ الفرص في التجارة الدولية والتجارة في الصين، واحترام وحدة الصين الإدارية ووحدة أراضيها. ثم أصبحت السياسة الرسمية للولايات المتحدة تجاه الشرق الأقصى في النصف الأول من القرن العشرين. وعلى مدار العقود السابقة تطورت النظرية كثيرًا (وهذا ما أشار إليه تاريخ الاقتصاد الصيني الحديث) إلى أن أصبحت واحدة من أهم السياسات الفعالة لتحقيق الإنتاجية في مكان العمل.

والآن، أصبحت سياسة الباب المفتوح في مكان العمل عبارة عن مبدأ يعتمد على فكرة التواصل السلس بين الإدارة والموظفين. فيجب أن يكون لدى الإدارة والموظفين تواصل مفتوح ومباشر فيما بينهم. وفي هذا النمط من العمل، يتم تشجيع الموظفين على طرح أفكارهم، ومشاكلهم، ومخاوفهم واقتراحاتهم للإدارة بشكل مباشر دون قيود أو خوف.

سميت النظرية بذلك الاسم تعبيرًا عن كسر الحواجز والأبواب المغلقة في مكان العمل، وترك القادة والمديرين أبواب مكاتبهم مفتوحة للموظفين؛ للتحدث، والاجتماع ومناقشة مخاوفهم بشكل غير رسمي.

تهدف النظرية إلى الاتصال والتواصل الفعال بين المديرين (أو المشرفين أو القادة) والموظفين. وتعتمد على الشفافية وفتح الباب للتعبير عن الرأي وتناول آراء الموظفين ومشاركة مخاوفهم والتعامل مع تلك المخاوف بشكل صحيح. يمكن تطبيقها عن بعد وليس في محل العمل فقط؛ لذلك سواء كنت تدير شركة كبيرة أو صغيرة أو حتى مكتب فلا تنسى أن بناء الثقة والأمان وجعل الباب مفتوح دائمًا من أهم عوامل النجاح.

مزايا سياسة الباب المفتوح في مكان العمل:

  • تشجع على التواصل بشكل أفضل بين الموظفين والقيادة العليا
  • تساعد الإدارة في فهم العاملين
  •  تعمل على زيادة المشاركة في بيئة العمل
  • تعزز العلاقات في مكان العمل
  • تضمن وصول المعلومات والأفكار الفريدة بشكل سريع

1/ تشجع على التواصل بشكل أفضل بين الموظفين والقيادة العليا:

عندما يكون لدى الموظفين خط اتصال مفتوح مع الرئيس المباشر، هذا يضمن سير العمل دون عرقلة أو تحديات. ويتشجع الموظفين دائمًا على التواصل في حال واجهوا أي مخاوف في مكان العمل. وهنا تصبح النتيجة هي التواصل الفعال بين الإدارة والموظفين.

عن طريق التواصل النشط بين الإدارة المسؤولة والموظفين، يتم الكشف مبكرًا عن المشاكل المتعلقة بالعمل، واتخاذ الإجراءات السليمة لمعالجتها، وضمان عدم تأثر الإنتاجية سلبًا.. المديرين الذين يتلقون تعليقات من الموظفين يحققون زيادة في الإنتاجية بنسبة 12.5%، وذلك فقًا لدراسة قامت بها مؤسسة جالوب.

2/ تساعد الإدارة في فهم العاملين:

تعمل سياسة الباب المفتوح على إنشاء بيئة مناسبة للتواصل الفعال؛ ليتمكن الموظفون من التحدث بصراحة عن المسائل المرتبطة بعملهم.

تلك السياسة يمكنها أن تساعد القادة العليا في فهم مشاعر وآراء أفراد فريقهم، كما أنها تساعد في التعرف مبكرًا على المشكلات المحتملة، والعمل على إيجاد حلول لهذه المشاكل قبل أن تؤثر على نشاط العمل اليومي.

3/ تعمل على زيادة المشاركة في بيئة العمل:

الاطلاع الدائم بأحداث المؤسسة يعتبر إحدى السبل الممتازة لضمان انسيابية العمل اليومية. لكن للأسف، في بعض أماكن العمل والتي يتم فيها إغلاق الأبواب الإدارية أمام الموظفين، يشعر الموظفون بالتردد في التعامل مع المرتبة العليا. وأيضاً، هناك الكثير من الآراء والمخاوف التي تذهب هباءً.

لكن بتنفيذ سياسة الباب المفتوح في المؤسسة، سيشجع التفاعل بين الموظفين والإدارة إلى تدفق المعلومات بشكل فعال. وهذا يفيد الجميع في المؤسسة؛ حيث سيتم تقدير مدخلات الموظفين، كما ستبقى الإدارة مهتمة بمصالح الموظفين في مكان العمل مما ينتج عنه مكان عمل منتج وبيئة عمل صحية.

4/ تعزز العلاقات في مكان العمل: 

فتح أبواب إدارتك للموظفين يساهم في تعزيز ثقافة الانفتاح والشفافية؛ حيث يتم إزالة الجدران الفاصلة بينهم. ويؤدي ذلك إلى إنشاء بيئة عمل إيجابية تعزز العلاقات بين الموظفين في مكان العمل.

أحد الفوائد الكبيرة للاستمرار في العلاقات الجيدة في مكان العمل هو أنه يوفر للموظفين الإحساس بأنهم أعضاء مهمون في المنظمة وأسرة واحدة؛ مما يؤدي إلى تقليل معدل تغير الموظفين.

لا تنسى، يمكن أن تمنحك المحادثات الرسمية وغير الرسمية مع الموظفين فرصة للحصول على أفكار جديدة ومميزة لتطوير عملك لمستويات أعلى.

5/ تضمن وصول المعلومات والأفكار الفريدة بشكل سريع:

في بيئة العمل التقليدية التي تتميز بالتسلسل القيادي الصارم، تتحول المعلومات عادةً من يد إلى أخرى قبل وصولها إلى المسؤول الأعلى لاتخاذ القرار النهائي بها. ولتلك النقطة تحديدًا، يمكن أن يؤدي هذا النظام إلى تباطؤ حركة تدفق المعلومات بشكل كبير.

بالإضافة إلى ذلك، قد يحدث عدم وصول المعلومات إلى المسؤول المقصود بسبب تجاهل أحد المدراء في سلسلة القيادة. يمكن أن يؤدي النظام التقليدي في مكان العمل أيضًا إلى حدوث تفاصيل سلبية بين الإدارة والموظفين الذين يشعرون بأن المشكلات التي يثيرها لا تحظى بالاهتمام الكافي.

تساعد سياسة الباب المفتوح في مؤسستك على حل تلك المشكلات؛ حيث سيحصل المديرون على معلومات مباشرة من أصحاب العمل بخصوص ما يحدث في المؤسسة. علاوة على ذلك، فإن الموظفين أكثر فهمًا للعمليات اليومية ويمكنهم تقديم فرص وأفكار فريدة لتحسين العمليات والإنتاجية.

تلك المميزات ستزيد من فعالية العمل وستخلق بالطبع بيئة صحية للعمال، ولكن كيف تصل إلى تلك المميزات؟

كيفية تطبيق سياسة الباب المفتوح في مكان العمل؟

  • ناقش الأهداف
  • ضم سياسة الباب المفتوح إلى قواعد عمل الشركة
  • بناء الحدود
  • الاهتمام بسماع الموظفين
  • معالجة المشكلات في الوقت المناسب
  • دعوة لمناقشة الآراء المختلفة
  • توضيح التسلسل القيادي
  • المرونة في حل الأمور الخاصة

ناقش الأهداف:

يجب مناقشة الهدف الرئيسي من تطبيق تلك السياسة مع الموظفين، وذلك قبل التطرق لخطوات تطبيقها. يمكنك إنشاء مجموعة من الأهداف مثل، تقوية علاقة الفريق، التواصل الفعال، القضاء على بطء سير العمل، زيادة المشاركة. زيادة الإنتاجية، قد تكون من أهم الأهداف ويجب مناقشتها مع فريق عملك.

ضم سياسة الباب المفتوح إلى قواعد عمل الشركة:

أولى خطوات تطبيقها بشكل فعال، أن تكون رسمية. بمجرد إضافتها لدليل الشركة وقواعدها سيتمكن الموظفون من مراجعتها والرجوع إليها في أي وقت. حتى أنها ستضيف المساءلة على المشرفين وتدفعهم لاتباعها.

إذا كان الأمر جديد على موظفيك، فيجب أن تشرح: ما هي؟ وكيف ستعمل؟ وكيف ستحدث فرق للموظفين؟

يجب مناقشة كل شيء؛ لكي يشعر الموظفون بالراحة إذا احتاجوا استخدامها.

بناء الحدود:

يجب تعيين معايير وحدود واضحة.. وضع حدود مناسبة لك (كصاحب عمل) وفريقك ستساعدك في الكثير؛ فبدون حدود يمكن أن تحدث مشاكل كثيرة من ضمنها خسارة كبيرة في الإنتاجية.  

حافظ على التواصل مع الموظفين والإدارة، ولا تنسى الحدود. حدد الطريقة التي تناسبك في التعامل: فهل ترغب في حضور الموظفين للتحدث معك في أي وقت؟ أم ينبغي أن يرسلوا لك بريدًا إلكترونيًا لإعداد اجتماع؟

يمكنك مشاركة الأوقات التي تلائمك مع الموظفين للتواصل معك فيها، لكن ضع في اعتبارك حدود لموضوعات المناقشة. على سبيل المثال، يجب أن يشعر الموظف بالراحة عند التحدث إلى الإدارة إذا كان هناك تعارض مع موظف آخر أو أحد المشرفين. لكن لا ينبغي أن يصبح هذا وسيلة للنميمة أو التطرق لموضوعات شخصية خارج إطار العمل.

الاهتمام بسماع الموظفين:

انتبه جيدًا واهتم بحديث الموظفين معك واحرص على إظهار ذلك لهم.

حافظ على التواصل البصري أثناء الحديث، واطرح أسئلة مدروسة، وحلول.

لن تساعدك السياسة إذا لم تكن ترغب في الاستماع أو لا تتمتع بالمهارة أصلًا. اسمح للشخص بالتحدث دون مقاطعته، ثم أعد صياغة ما قاله له للتأكد من أنك فهمته بشكل صحيح.

انتبه للأشياء التي تزعج حديثكم أو تعرضه للانقطاع مثلًا: يجب أن تجعل جوالك صامت، وإغلاق الكمبيوتر المحمول الخاص بك، والقيام بأي شيء تريد القيام به قبل بداية حديثكم؛ لتقليل التشتيت أثناء المحادثة.

معالجة المشكلات في الوقت المناسب:

أفضل حل لعلاج المشكلات هو حلها في أقرب وقت؛ لذلك يفضل علاج مشكلات فريق عملك في أقرب وقت ممكن (بعد أن يأتي الموظف إليك).

إذا كنت قادرًا على حل مشكلة على الفور، ابدأ في حلها واحترم قيمة الوقت. إذا كان هناك شيء كبير أو معقد بحيث لا يمكنك معالجته بنفسك، لا تخف من طلب المساعدة من رئيسك المباشر في العمل.

دعوة لمناقشة الآراء المختلفة:

يمكن للمديرين التواصل مع أعضاء الفريق الذين يشاركون في تنفيذ استراتيجية سير العمل، ودعوتهم للتعبير عن آرائهم بشأن سياسات الباب المفتوح. يعتبر ذلك فرصة مميزة؛ لبناء الثقة والحصول على دعمهم للتنفيذ. قد يقوم المديرون بطرح الأسئلة لمعرفة ما يتطلع إليه فريقهم من تحقيق سياسة الباب المفتوح. كما يمكنهم مناقشة ما إذا كان الفريق يفضل مواعيد عمل محددة.

توضيح التسلسل القيادي:

من الخطوات التي تعتبر في غاية الأهمية هي مراجعة تسلسل قيادة الشركة قبل تطبيق سياسة الباب المفتوح. يمكن توضيح ذلك من خلال اجتماع أو بريد إلكتروني.

ذلك للتأكد من أن أعضاء الفريق يقتربون من الرئيس الصحيح في المواقف التي يمرون بها، هذا يساعد في تعزيز ثقة أعضاء الفريق. يجب أن يكون هذا الشخص مستعدًا ومتاحًا للتحدث مع فريق العمل.

المرونة في حل الأمور الخاصة:

في حالة تواجد مشكلة خاصة (والتي تحتاج إلى قدر من الخصوصية) ولا يرغب الموظف بالإبلاغ عنها، فمن المهم أن تحافظ على خصوصيته وذلك من خلال تنفيذ سياسة “الباب المغلق”. في تلك الحالة فكر في عقد الاجتماع في غرفة الاجتماعات (بشكل رسمي بعيد عن المكتب).

يساعد هذا الإجراء في بناء الراحة والثقة مع الموظف الذي يتم لقاؤه، كما سيعطي أعضاء الفريق الآخرين فرصة لمعرفة أنك تدعم الخصوصية وتحافظ على سرية الأمور.

لا تنسى أن تختبر سياستك وهل تعمل بشكل صحيح؟ وهل بابك مفتوح دائمًا للموظفين بشكل حرفي أم لا؟

قد ينمو بداخلك شعور بالخوف حول نجاح تلك السياسة وهل هي مجدية بالفعل ومفيدة لفريق العمل أم ستزيد الأعباء؟ دعنا نخبرك الإجابة بشكل غير تقليدي يبعد عن النمط العادي (نعم أو لا).

إحصائيات تطبيق سياسة الباب المفتوح في مكان العمل:

تساعد سياسة الباب المفتوح الموظفين على الشعور بالدعم والتقدير من قبل الإدارة؛ مما يعزز الروح المعنوية لدى الموظف ويضاعف الإنتاجية في النهاية. 

في إحدى الدراسات التي أجريت على عينة من سلسلة مطاعم وطنية تضم أكثر من 7500 موظف و 335 مدير عام، تبين أن معدل ترك العمل في الشركة انخفض بنسبة 32%، وتم تحقيق توفير سنوي يصل إلى 1.6 مليون دولار. ذلك من خلال إتاحة الفرصة للموظفين للتعبير عن مخاوفهم ومشاكلهم.

إليك مجموعة من الشركات والمؤسسات العالمية التي تطبق سياسة الباب المفتوح مع فريق العمل:

تستخدم شركة قوقل Google، أبل Apple، مايكروسوفت Microsoft، فيسبوك Facebook سياسة الباب المفتوح في مكان العمل كجزء من ثقافتها التنظيمية وأسلوب إدارتها.

هناك العديد من الشركات في مختلف القطاعات تطبق سياسة الباب المفتوح أيضًا، مثل:

  1. شركة IBM، هي شركة تكنولوجيا معلومات عالمية تعمل في أكثر من 170 دولة حول العالم. الاسم الكامل “International Business Machines Corporation”. تأسست في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1911
  2. Keka، وهي شركة تكنولوجيا معلومات عالمية مقرها في الهند. تأسست في عام 2015 وتقدم حلولًا لإدارة الموارد البشرية والرواتب والمرتبات والإجازات.
  3. جامعة سانت لويس، جامعة أمريكية تستخدم سياسة الباب المفتوح مع الطلاب والموظفين.

في النهاية..

من خلال سياسة الباب المفتوح، يمكن للموظفين طرح مشاكلهم ومخاوفهم أمام المديرين والقادة في أي وقت، دون أن يشعروا بالخوف من الانتقام أو العقاب.. ويجب على الإدارة أن تكون مستعدة دائمًا للاستماع والتفاعل مع تلك المشكلات والاهتمام بها بشكل جدي.. نعلم جيدًا مجهوداتك كصاحب مؤسسة في محاولة التقرب من موظفيك.. يسعدنا تواصلك معنا.

المصادر:

ما هي سياسة الباب المفتوح

https://history.state.gov/milestones/1899-1913/hay-and-china

https://www.forbes.com/sites/kevinkruse/2016/04/24/why-successful-leaders-dont-have-an-open-door-policy/?sh=628dded231ef

https://www.talmundo.com/blog/open-up-creating-an-open-door-policy-for-your-workplace

سياسة الباب المفتوح في مكان العمل

مزايا سياسة الباب المفتوح

طرق تطبيق سياسة الباب المفتوح في مكان العمل

كيفية تطبيق سياسة الباب المفتوح في مكان العمل

كيفية ممارسة سياسة الباب المفتوح في مكان العمل

https://www.indeed.com/career-advice/career-development/implement-open-door-policy